خرج من سجون الاحتلال بعد نحو 23 عاماً فيها، إلى قطاع غزة، وفياً للأحرار، ككل القادة الذين سبقوه، فاستُشهد بين أبناء شعبه في بذلته العسكرية التي يحب، ممتشقاً بندقيته، ومشتبكاً مع قوات الاحتلال في رفح.

هو الشهيد يحيى إبراهيم السنوار، المولود عام 1962، في مخيم خان يونس، لاجئاً من عسقلان المحتلة.

إنّه أبو إبراهيم، الذي استُشهد متبوّئاً منصب رئيس المجلس السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، خلَفاً لأبي العبد، إسماعيل هنية، الشهيد أيضاً.

وقد أعلنت حركة حماس، اليوم الجمعة 18 تشرين الأول/ أكتوبر 2024، ارتقاء القائد يحيى السنوار.

وقد عبر جيش الاحتلال على لسان المتحدث باسمه بالقول: "إن استشهاد السنوار لم يكن وفق معلومات استخبارية ولم تكن تعلم القوات العاملة في المنطقة بأنه كان من ضمن 3 مقاتلين متواجدين في مبنى بحي تل السلطان".

أوجعهم حيًا، فلم يلبث كثيرًا بعد تحريره من سجون الاحتلال عام 2011، ليشارك في الانتخابات الداخلية لحركة المقاومة الإسلامية عام 2012، ويفوز بعضوية المكتب السياسي للحركة، إضافة إلى مهامه في الإشراف على الجهاز العسكري لكتائب عز الدين القسام.

ثم ما لبث أن تم تعيينه مسؤولاً عن ملف الأسرى الإسرائيليين لديها عام 2015، ليقود المفاوضات بشأنهم مع الاحتلال الإسرائيلي.

القائد السنوار وجه ضربات مؤلمة للاحتلال منذ تحرره، كان أبرز تجلياتها معركتي سيف القدس وطوفان الأقصى، إضافة الى عديد الإنجازات التي مارسها على الأرض في سبيل الدفاع عن فلسطين وحقوق الشعب ونيل الحرية.

فعلى صعيد ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي والخارجي عمل السنوار منذ انتخابه رئيسًا للحركة في قطاع غزة على تحسين العلاقات بين حركة حماس في غزة والضفة الغربية كما عمل على تطوير العلاقات مع مصر، وتجلى ذلك من خلال التوصل إلى اتفاقات حول الأوضاع المعيشية والأمنية والإنسانية والحدود مع قادة أمن مصريين.

وهي معطيات اعتبرتها الحركة والمتابعون للشأن الداخلي الفلسطيني نجاحًا للسنوار على جميع الأصعدة، رشحه ليفوز بعد ذلك بدورة ثانية من رئاسة الحركة في القطاع عام 2021.

وعلى صعيد ايلام العدو، فقد حقق السنوار مفاجأة كبرى للاحتلال بإعلانه الحرب على الاحتلال عام 2021 وبدء معركة سيف القدس دفاعاً عن القدس والمسجد الأقصى وأهالي الشيخ جراح.

إعلان حرب كان تأثيره أكبر من صواريخ القسام الموجهة لمدينة القدس المحتلة، كونها أثبتت فشل الاحتلال في توقع سلوك حركة حماس ورد فعلها على الأحداث في مدينة القدس.

أما معركة طوفان الأقصى فهي الحدث الأبرز على الصعيد العالمي فيما يخص الصراع الفلسطيني الصهيوني منذ أكثر من 70 عاماً، وأكبر مفاجأة للاحتلال منذ نشأته كما أنها أقوى ضربة وجهت له.

خبراء ومختصون وسياسيون وعسكريون، اعتبروا عملية طوفان الأقصى يوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الضربة الاستخبارية الأقوى عالمياً، إضافة إلى أنها قصمت ظهر الاحتلال وهزت صورته إلى الآن بعد عام من حرب الإبادة والتهجير على غزة.

أفشلهم حتى ارتقائه، ووضع الاحتلال السنوار بعد عملية 7 أكتوبر على رأس قائمة أولوياته باعتباره المدبر والمخطط للعملية ليقصف منزله، وطالما توعّد قادة الحكومة التي توصف بأنها الأكثر تطرفًا في تاريخ الكيان، بتصفيته.

وروج الاحتلال خلال عام من حرب التهجير والإبادة أكاذيب ومزاعم حول قائد حماس يحيى السنوار بأنه مختبئ في الأنفاق ويتخذ من الأسرى الإسرائيليين دروعاً بشرية كما أنه يحمل حزاماً ناسفاً لتفجيره بالأسرى حال اقتربت القوات منه.

لكن الصدمة الكبرى لدى الاحتلال التي أثبتت فشل استخباراته واستخبارات العالم المشاركة في البحث عن السنوار ومحاولات التنصت عليه، هي مكان تواجده وآلية ارتقائه.

فارتقاء السنوار في ميدان المعركة له دلالات عديدة وفق خبراء ومختصون في الشأن العسكري، أولها أن العملية وعلى رغم إتمام القوات الصهيونية لها لم تكن تستهدف شخص السنوار وإنما مقاتلين في ميدان مواجهة واشتباك.

ثاني الدلائل وفق الخبراء، أن السنوار لم يكن كما يزعم الاحتلال في الأنفاق وليس لديه أسرى وإنما في قلب المواجهة وأشدها في حي تل السلطان بمدينة رفح.

أما عن باقي الدلائل، فإن السنوار كان يمتلك سلاحاً ويتنقل بين المباني يرصد الاحتلال وجنوده ليشتبك ويقاتلهم، أي بمعني أنه يبحث عن الشهادة ويقبل عليها.

جل تلك الدلائل وفق الخبراء تؤكد فشل الاحتلال واستخباراتهم وتفند رواياتهم المزعومة، إضافة إلى تأثيره العسكري المستقبلي المتمثل في تأسيس جيل من المقاتلين الجدد الأشد بأساً وصلابة(İLKHA)