كتب الأستاذ محمد كوكطاش مقال جاء فيه:

ما يجب على بلال هو أن يقول "أحد، أحد".

ما يجب على بلال هو أن يرفع إصبعه للشهادة في الصحراء الحارقة تحت الصخور الكبيرة، ويصيح: "الله واحد!".

أما ما يجب على أبي بكر، فهو أن يقوم بشرائه من أسياده الظالمين ويحرره من العبودية (رضي الله عنهما).

لكن هناك نقطة دقيقة يجب ألا تفوتنا هنا:

لم يكن بلال يصرخ "أحد، أحد" مفترضاً أن أبا بكر سيأتي وينقذه، لم يكن بفكره مقولة: "على أي حال، سيأتي أحد إخواني المسلمين الذين لديهم مال كافٍ وينقذني من هذه السياط". لم يخطر بباله حتى هذا الاحتمال، بل كان يعلم أن هذه النهاية قد تكون الموت، ولكنه مع ذلك قام بواجبه.

أما ما يجب على أبي بكر، فهو أن يقوم بواجبه كأبي بكر، وقد قام بذلك فعلاً.

أنا أحاول أن أفهم غزة وإخواننا في غزة، لكنني أجد نفسي أحيانًا متوقفًا عند نقطة معينة، وأصل في النهاية إلى نتيجة مفادها أنه لا سبيل لفهم غزة إلا أن تكون من أهل غزة الآن، نحن نفهم أنهم يفعلون حاليًا ما يلزم ليكونوا غزاويين، وسواء أكان هناك أبو بكر في هذه المحنة أم لا، فإنهم يقومون بواجباتهم.

في الواقع، يمكننا فهم هذا الأمر بشكل أفضل من خلال قصة سحرة فرعون، عندما اجتمع الناس في ذلك الميدان الكبير للتحدي، سجد السحرة بعد إيمانهم وقالوا: "آمنا برب العالمين، رب موسى وهارون!"، فرد فرعون عليهم مهددًا: "أتؤمنون به قبل أن آذن لكم؟" وتوعدهم بالموت وقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف وتعليقهم على جذوع النخل.

وهنا نقطة مهمة تلفت الانتباه: وهي أنّ السحرة لم يتوجهوا إلى سيدنا موسى عليه السلام طالبين منه أن ينقذهم من فرعون.

ولم يقولوا: يا موسى خلصنا من فرعون بهذه العصا ومثلها من المعجزات التي أريتنا، بل أعلنوا الإيمان وهم يعلمون أنهم سيقتلون لا محالة.

"قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فاق ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا" (طه \ 72)

أقول كل هذا لفهم إخواننا في غزة وفلسطين، ولا أعلم إلى أي مدى يمكننا فهمهم، البلاليون موجودون في الميدان، فأين من يسمون أبا بكر؟ هل نحن من يجب أن يكون؟ وإذا لم نكن نحن، فمن يكون؟

وفي الختام لكم مني السلام والدعاء. (İLKHA)