كتب الدكتور "عبد القادر توران" مقال جاء فيه:

من لم يستوعب التغيير الذي مر به حزب الشعب الجمهوري منذ أيام كمال كليجدار أوغلو الأولى، لن يستطيع قراءة الأهداف السياسية المتعلقة بتركيا.

حزب الشعب الجمهوري، كحزب كمالي، تم تأسيسه للمصالحة مع الغرب، ويفهم التقدم في الأساس على أنه التوافق مع التقدم الغربي.

بعبارة أخرى حزب الشعب الجمهوري كحزب كمالي موجه بالكامل نحو الغرب، ومن هذا المنطلق اعتبر بعض الكتاب والمحللين السياسيين المتأثرين بمزيج من الفكر التركي والإسلامي تحول حزب الشعب الجمهوري نحو ما يسمى "التحول إلى حزب الشعوب " بأنه بمثابة ليبرالية أو حتى توجه نحو القومية الكردية".

وهو تقييم خاطئ وليس هذا نتاج رؤية سطحية فقط، بقدر ما هو نتيجة لعدم معرفة حزب الشعوب الديمقراطي، حزب الشعوب الديمقراطي هو حزب استبدادي للغاية بواجهة ليبرالية، ليبرالي من حيث القيم الغربية، لكنه استبدادي بل يتجاوز الاستبداد من حيث القيم المجتمعية، حيث يشكل كياناً لما بعد الحداثة.

كان حزب الشعوب الديمقراطي موجودًا في الساحة السياسية بدعم من الغرب، وبدعم من الدوائر الغربية العميقة في تركيا، وقد فرض هذا الحزب القيم على المجتمع التركي، وهذه القيم التي لا قيمة لها والتي تم رفعها إلى درجة "القيمة" في الغرب فقط، واليوم يواصل الحزب الديمقراطي هذا الخط في نقطة أكثر تطرفًا.

التحول داخل حزب الشعب الجمهوري، والذي تم بالكامل حسب رأيي من خلال الاستشارات الخارجية وبالتنسيق مع حزب الشعوب الديمقراطي أدى إلى تباعد الحزب عن القومية التي توجه إليها قبل عهد كليجدار أوغلو، ليعيد تكييف نفسه مع القيم الغربية المعاصرة، طامحًا إلى أن يدعم الغرب طريقه نحو السلطة.

جانب آخر من القضية هو أن هيكل حزب الشعوب الديمقراطي يرى نفسه نوعًا من "الكمالية الكردية".

وبالتالي، فإن تحول حزب الشعب الجمهوري نحو حزب الشعوب الديمقراطي ينبغي أن يُفهم على أنه محاولة لتوحيد نوعين مختلفين (أو بالأحرى متشابهين في الجوهر) تأثرًا بالغرب (تغريب)، التي تطورت في أوقات مختلفة تحت تأثير الغرب في تركيا، لتجمعهما في تحالف يهدف للوصول إلى السلطة.

قبل عشر سنوات، كان حزب الشعوب الديمقراطي أكثر توافقاً مع الغرب المعاصر مقارنة بحزب الشعب الجمهوري، لأن الأخير في عهد "دنيز بايكال"، كان يتجه نحو القومية، ومع عملية بدأت مع كليجدار أوغلو ولا تزال مستمرة، تم تقليص هذا الجانب من حزب الشعب الجمهوري، ليحقق التوافق الكامل مع حزب الشعوب الديمقراطي، مما أدى إلى تشكيل قاعدة التحالف.

في هذا السياق، "ثقافة تناول الخمر" تشير إلى الجذور القديمة لحزب الشعب الجمهوري وليس فقط إلى تحول الحزب، لكن في زمن يتحدث فيه الغرب عن حرية المثليين، يبدو أن هذه الأدبيات قد أصبحت من الماضي.

في جوهر المسألة، يحاول حزب الشعب الجمهوري من خلال مقاربة ما بعد الحداثة أن يكون حزبًا غربياً تماماً، محاولاً تحقيق التوافق بين الماضي والحاضر.

وكما أوضحت في تحليل هذا الأسبوع، بعد إعلان الجمهورية مباشرة، دخلت السياسة في أنقرة بعد إعلان الجمهورية مباشرةً في فترة طاولة (جانكايا-دولما بهجة).

وكان مصطفى كمال يدير شؤون الدولة في المركز على تلك المائدة، وعليها كان الخمر كالنبيذ الفرنسي أو غيره رمزًا حزبيًا حوّل السياسة إلى رمز حزبي يستبعد غير المرغوب فيه ويهمشه، فالشخص الذي يشرب الخمر يمكنه الجلوس على المائدة وبالتالي ينتمي إلى الحزب، أما الشخص الذي لا يشرب فلا.

اتخذ مصطفى كمال قراراته الأكثر إثارة للجدل، مثل تغيير اللغة الأبجدية، بناءً على قياس رد فعل الجماهير تجاه الخمر، عندما أشار إلى زجاجة الخمر وصرخ الناس "تحيا!"، اتخذ في تلك الليلة قرار تغير اللغة وقرار نصب تماثيل جديدة.

لاحقًا وحتى أيام 28 شباط/ فبراير، كان من لا يشرب الخمر يُعتبر معارضًا للنظام في المؤسسات العسكرية والعديد من المؤسسات الأخرى (كما استخدم لحم الخنزير في الأندلس كرمز مماثل: من يأكله يكون مؤيداً، ومن لا يأكله لا يكون كذلك).

ومع ذلك فإن مقياس التقدمية الغربية ليس الخمر، بل قبول أو رفض المثلية الجنسية، ومع ذلك لا يبرز حزب الشعب الجمهوري حداثته كما يظن البعض، بل إنه يجمع بين الكحول والمثلية ليعزز هويته الجديدة كحزب حداثي، متكاملاً مع جذوره التاريخية.

حزب الشعب الجمهوري يؤمن بأن هذا التحالف الداخلي، جنبًا إلى جنب مع فئات من المجتمع التي انخدعت بالصورة الليبرالية للحزب أو التي تسعى للمصالح الخاصة، والبنى العرقية الجديدة المتأثرة بالصهيونية، بالإضافة إلى حزب الشعوب الديمقراطي سيساهم في تحقيق السلطة كجبهة حداثية.

لكن هناك ما قد يفسد هذه الحسابات: وهو كشف كمالية حزب الشعب الجمهوري وتحويل أيديولوجيته ضده، مما يؤدي إلى تعطيل التوازن الذي يسعى إلى إنشائه وإضعاف توجهاته الليبرالية، وهذا لن يؤدي فقط إلى تعقيد التعاون بين بعض المتدينين الانتهازيين/الغاضبين غير الواعيين مع حزب الشعب الجمهوري، بل سيجعل من الصعب أيضًا على الناخبين الأكراد من حزب الشعوب الديمقراطي دعم التحالف مع حزب الشعب الجمهوري.

هنا يأتي حزب " الهدى" الذي يقوم بكشف هذا التناقض ويربك جميع أطراف التحالف بكلمة واحدة(İLKHA)