يعتبر انقلاب 12 سبتمبر 1980 العسكري أحد أحلك فصول تاريخ تركيا الحديث، حيث خلف وراءه آثارًا عميقة لا تزال قائمة حتى اليوم.

وشهد الانقلاب احتجاز أكثر من 650 ألف شخص، وتعرض نحو 1.683 مليون مواطن للتجسس والرقابة، وأُحيل 230 ألف شخص إلى المحاكمة، وصدر حكم الإعدام على 517 منهم، بينما تم تنفيذ 50 إعدامًا.

ويدل الانقلاب على أن الجيش، ومن خلال سلسلة من التدخلات المباشرة في السياسة التركية، بدأ بتنفيذ أجندات تهدف إلى فرض أنظمة قمعية على الشعب.

هذه التدخلات، التي بدأت بانقلاب 27 مايو 1960 واستمرت بانقلاب 12 مارس 1971، بلغت ذروتها في انقلاب 12 سبتمبر 1980، والذي كان جزءًا من خطط مدبرة لإسكات المعارضة وإعادة صياغة النظام السياسي والاجتماعي التركي.

أحد الأدلة البارزة على التدخل الأجنبي في هذا الانقلاب جاء في تقرير لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA)، حيث أشار رئيس محطة الـCIA في تركيا حينها "بول هينز"، إلى أن انقلاب 12 سبتمبر تم الإبلاغ عنه للرئيس الأمريكي آنذاك "جيمي كارتر" بعبارة "أطفالنا نجحوا"، مما يشير إلى تورط دولي في التحضير للانقلاب.

خلال هذا الانقلاب، تم حل البرلمان التركي، وإلغاء دستور 1961، وبدأت فترة حكم عسكري شهدت توقيع قرارات أثرت على حياة ملايين الأتراك وأدت إلى سنوات من القمع والتعذيب.

كما شهدت تلك الفترة طرد آلاف المعلمين والأكاديميين من وظائفهم، بينما تعرضت الصحافة للقمع الشديد، وتم حظر مئات الأفلام والكتب.

ووصلت حملة القمع إلى حد توقيع عقوبات سجن ضخمة على مئات الصحفيين، واعتبار الآلاف غير مرغوب فيهم في المجتمع.

وفي عام 2010، بعد استفتاء شعبي، ألغيت المادة 15 المؤقتة من الدستور التي كانت تمنع محاكمة منفذي الانقلاب.

وتم فتح تحقيقات في حق المسؤولين الرئيسيين عن الانقلاب، أبرزهم الجنرال "كنعان إيفرين"، الذي أصبح لاحقًا رئيس الجمهورية، والجنرال "طه حسين شاهينكايا".

وبعد ذلك تمت إدانة كليهما بالسجن المؤبد، لكنهما توفيا قبل أن تكتمل محاكمتهما، حيث توفي "إيفرين" في مايو 2015 عن عمر 98 عامًا، وتوفي "شاهينكايا" في يوليو 2015 عن عمر 90 عامًا.

ورغم مرور 40 عامًا على الانقلاب، إلا أن تركيا لا تزال تُحكم بدستور وضعته الحكومة العسكرية، ما يُعد تناقضًا واضحًا بين محاولات محاسبة الانقلابيين والواقع الحالي. (İLKHA)