كتب الأستاذ عبد الله أصلان عن مخاطر إدمان وسائل التواصل الاجتماعي:
في كل عصر، يواجه البشر اختبارات مختلفة. لكل زمن سلوكيات مميزة وسلوكيات بارزة تُميّز الإنسان، أو خصائص ومهارات وأدوات يهتم بها بشكل خاص.
في عصرنا الحالي، هناك إدمان بارز ومعظم البشرية تعاني منه. إنه إدمان على وسائل التواصل وعلى ما يُسمى بالمنصات الاجتماعية، وهو المصدر الذي يمكن تعريف جميع أنواع الإدمان الأخرى به.
هذا الإدمان على الشبكات التواصلية وأدوات الاتصال قد قطع تقريباً التواصل بين البشر. وبسبب هذا الإدمان، انتشرت المشاكل والصراعات بين البشر، وعمّت المشاجرات وضوضاء.
في ما يُعرف بـ"عصر الاتصالات"، أصبح الناس تقريباً ممزقين بسبب "انعدام الاتصال"!
للأسف، لم يعد أحد يفهم أو يرى أو يسأل الآخر. الجميع يشكو من عدم التواصل وكل فرد يشكو من عدم الاستماع إليه من قبل الأشخاص المحيطين به.
البشرية تدور في دوامة كبيرة حتى أنها بدأت تفقد السيطرة على نفسها، تتأرجح هنا وهناك.
وما هو مؤسف أن هذا الإدمان أصبح مصدر جميع لإدمانات أخرى. هذا الإدمان فصل الإنسان عن ذاته وجعله يعتمد بشكل كامل على الآخرين أو الغرباء، وجعله أشبه بالعبد.
من إدمان الجنس إلى تعاطي المخدرات، ومن الإسراف المفرط إلى الشهوة لتتبع فضائح و قذارات الآخرين، جميع الانحدارات تنبع من التعلق بشبكات التواصل والتجول في ما يسمى بالمنصات الاجتماعية.
عندما يتجاوز عدد المتابعين على منصة اجتماعية واحدة فقط 50-60 مليون في بلدنا، وكل يوم وليلة تفرض علينا ثقافة ونمط حياة أجنبي، تخيلوا كم سيكون الشعور بالغربة حتى مع أقربائنا! تخيلوا كيف سنصبح مدمنين على الحياة والأشياء والألعاب والترفيه التي تروج لها تلك المنصات!
هذا الإدمان، بكلمة واحدة، فَتَّتَنا! هذا الإدمان فرض الفوضى؛ أنهى دور الأب في الأسرة وجعلها كالحَمَل الأعزل في مواجهة الذئب! هذا الإدمان مزق الأسرة! هذا الإدمان قسم المجتمع وجزّأه! هذا الإدمان زاد من الجهل؛ لأنه أغلق أبواب الكتب والمدارس والمعاهد!
هذه المساحات المليئة بالشر التي يقضي فيها كل فرد حوالي ثماني ساعات يوميًا، أعطت الشر والشرور درعًا للحماية!
هذا الإدمان قلل من قيمة الاحترام والمحبة والتعاطف، وبالتالي أضر بالخير بشكل كبير! أصبح الخير الآن حالة من السذاجة ومدعاة للإحراج!
هذا الإدمان غرّب المواطن وأدخل الغريب إلى حياتنا. هذا الإدمان جعل النظرة الخاطئة أمراً عاديّاً وأضعف القدرة على التحكيم الصحيح.
من الضروري أن نجد حلاً عاجلاً كدولة، ومنظمات المجتمع المدني، ومؤسسات تعليمية، ومعاهد دينية!
وإلا، لن يكون من الصعب تجربة الهزيمة التي قد تجلبها الحروب الكبيرة! الله يحفظنا!(İLKHA)