وقعت في الـ 14 من آب/أغسطس 2013، واحدة من أسوأ المجازر في تاريخ مصر الحديث، حيث قامت قوات الجيش والشرطة المصرية بقيادة "عبد الفتاح السيسي" بارتكاب مجزرة مروعة في ميدان رابعة العدوية، لم تُمحَ من ذاكرة الشعب المصري والعالم.

جاء هذا بعد فترة من الإطاحة بالرئيس المنتخب "محمد مرسي" في 3 يوليو 2013، إثر انقلاب عسكري دعمه عدد من القوى الداخلية والخارجية التي لم تكن راضية عن صعود الإسلاميين إلى الحكم عبر صناديق الاقتراع.

وبعد تنحي الرئيس السابق "حسني مبارك"، تم تشكيل حكومة مؤقتة في مصر، وأُجريت انتخابات مجلس الشعب في 28 نوفمبر 2011، حيث فازت جماعة الإخوان المسلمين، ممثلة بحزب الحرية والعدالة، بنسبة 47% من الأصوات، مما منحهم 235 مقعدًا من أصل 508 في البرلمان.

وبعد ذلك، في انتخابات الرئاسة التي جرت في 16-17 يونيو 2012، فاز مرشح الإخوان "محمد مرسي" بنسبة 51.73% من الأصوات، ليصبح بذلك أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر.

إلا أن نجاح الإسلاميين في الانتخابات أثار حفيظة العديد من القوى الداخلية والخارجية، مما دفع الجيش إلى التراجع مؤقتًا، لكنه لم يتوقف عن محاولات إضعاف هذه القوى.

بدأت بعض الفصائل الإسلامية التي كانت متحالفة أثناء الثورة تتصارع فيما بينها، وظهرت أحزاب جديدة بدعم ضمني من الجيش لإضعاف جماعة الإخوان المسلمين.

رغم كل ذلك، استمر "مرسي" في محاولة إجراء تغييرات سياسية واقتصادية، بما في ذلك إحالة رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، "حسين طنطاوي"، إلى التقاعد.

وتصاعدت الاحتجاجات والمظاهرات في مصر، خاصة من قبل القوى العلمانية والليبرالية، وتزايد الضغط على "مرسي" حتى أعطاه الجيش إنذارًا لمدة 48 ساعة لحل الأزمة. وبعد انتهاء المهلة في 3 يوليو 2013، أعلن الجيش عزل "مرسي" من منصبه، بالرغم من أنه حصل على 52% من الأصوات في الانتخابات.

وردًا على هذا الانقلاب، اجتمع مؤيدو "مرسي" في ميدان رابعة العدوية وفي مناطق أخرى بالقاهرة للدفاع عن شرعية رئيسهم المنتخب. ومع تزايد أعداد المعتصمين، استعد الجيش المصري للقيام بتدخل عنيف. في 14 أغسطس 2013، اقتحمت قوات الجيش والشرطة ميدان رابعة العدوية باستخدام الرصاص الحي والغاز المسيل للدموع، مما أدى إلى مقتل الآلاف من المعتصمين.

لم تتوقف القوات عند ذلك، بل أحرقت الخيام والمستشفيات الميدانية، وقامت بإعدام الجرحى وحرق الجثث لمحاولة إخفاء آثار المجزرة. من بين الضحايا كانت أسماء البلتاجي، البالغة من العمر 17 عامًا، ابنة القيادي في جماعة الإخوان المسلمين محمد البلتاجي، التي استهدفها قناص بعد أن تم تحديدها من قبل شخص مجهول.

بعد المجزرة، اتهمت السلطات المصرية الرئيس المعزول "محمد مرسي" بالتحريض على العنف والتخابر مع جهات أجنبية، بما في ذلك حركة حماس وإيران.

ظل مرسي محتجزًا في ظروف قاسية حتى وفاته في 17 يونيو 2019، بعد انهياره أثناء جلسة محاكمته.

ولم تكن هذه المجزرة حدثًا محليًا فقط، بل كانت لها تداعيات إقليمية ودولية.

ودعمت بعض الدول الخليجية، مثل السعودية والإمارات، الانقلاب ووقفت ضد جماعة الإخوان المسلمين في مصر والمنطقة، في حين اعترفت قوى غربية مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بالنظام الجديد سريعًا.

وعلى الرغم من مرور سنوات على المجزرة، إلا أن الذاكرة الجماعية للمصريين والعالم لا تزال تحمل هذه الجراح، مع استمرار محاكمات واعتقالات الآلاف ممن عارضوا الانقلاب العسكري. (İLKHA)