جاء في مقالة للدكتور عبد القادر توران، تحدّث فيها عن النضال الفلسطيني بعد انتفاضة عام 1987:

الجواب على السؤال "كيف يمكن تقسيم النضال الفلسطيني في القرن الماضي إلى فترات بأكثر الطرق شمولاً؟" هو ماقبل عام 1987ومابعده.

منذ عام 1987، تخوض فلسطين نضال لم يسبق له مثيل في الفترات السابقة، كان النضال قبل عام 1987 داخليًا في النظام، بينما بعد ذلك أصبح نضالاً ضد النظام.

قبل عام 1987، كان الصهاينة قادرون على إسقاط جميع الدول العربية، لكن اليوم لا يمكنهم هزيمة مجموعة  من المجاهدين في غزة وبعض المخيمات.

السؤال المحوري هنا ما الذي تغير في فلسطين عام 1987؟

الجواب على السؤال بسيط، رغم عدم التطرق إليه من قِبل أي شخص: أعلنت فلسطين من خلال الانتفاضة الأولى في عام 1987 خروجها عن النظام.

النظام ينتج المشكلة ويحدد بنفسه كيف يتم حل هذه المشكلة والتحرر منها، ولذا، يبدو أن التحرر من المشكلة يتطلب الاستسلام التام للنظام.

النظام يتخذ الإجراءات المناسبة في رأيه، مما يعني أنه يسيطر تمامًا على البشرية ويجبر الجميع على التبعية والانصياع، ويمتلك القوة لمعاقبة الرافضين عن طريق التدمير والحرق.

النظام مُوجَّه لخدمة الأقوياء، مما يعني أن الضعفاء لا يتجاوزون كونهم أداة مساومة للأقوياء في النضال من أجل التحرير، ولذلك يبقى الأقوياء دائمًا أقوياء والضعفاء دائمًا في نضالهم.

قام الشيخ أحمد ياسين بفهم هذا الترتيب من خلال حكمته، وخرج من النظام بتواضع مثل الغزالي، وعلى الرغم من أن الطريق بدا طويلاً وكان يمكن أن ينقطع في أي لحظة، إلا أنه كان على علم  تام بما كان يفعل.

كانت القضية الفلسطينية تُدار من قبل الدول والمنظمات. فقال الشيخ أحمد ياسين كما قال الغزالي "يا بني!" فقام بتعليم الشعب بدءاً بالأطفال وضمهم إلى النضال.

كان النظام يقول: إن عصر الدين قد ولّى. لكن الشيخ أحمد ياسين كان يؤمن بأن هذا ليس حقيقة لازمة، بل إنها خداع لصالح سلطة الظالمين، وقد نجح الشيخ في فهم هذا وتوضيحه للناس.

كان النظام يقول: كن فردًا وابتغِ مصالحك الشخصية، لأن الجميع يفعل ذلك، لكن الشيخ قال: كن جماعة وتضامن، لأن الخلاص يكمن هنا، وفي النهاية، التقى الدين والجماعة والشعب في فلسطين وتشكلت آلية الخلاص.

كانت الدول والمنظمات تقاتل في فلسطين قبل عام 1987، لكن منذ ذلك الحين يقاتل الشعب فقط، لقد كانت المنظمات في تلك الأيام بعيدة عن الشعب لكن اليوم، يقاتل جزء كبير من شعب فلسطين كجماعة، ويعيشون بركات التضامن.

فلسطين قد تكون شهيدة في هذه القضية، وقد تمحو إسرائيل من التاريخ، ولكن فيما يتعلق بالمظلومين، فقد دمرت فلسطين نظرية دعاية تاريخية:

حيث كان النظام يقول: إذا ابتعدت عن دينك، سيقف العالم بجانبك. وعلى الرغم من أن فلسطين ابتعدت عن دينها في الفترة السابقة وأصبحت اشتراكية، فإن النظام لم يدعمها، بل على العكس، جعلها أبعد في كل خطوة عن الخلاص.

فلسطين فهمت خداع النظام وتشبثت بدينها واليوم، على الرغم من جميع مشاريع الإسلاموفوبيا، فإن مظلومي العالم وأصدقاء المظلومين هم بجانب فلسطين، هكذا يكون فك الشيفرة للنظام، ومن ثم تحطيمه.

ربما ستعاد كتابة العلوم الاجتماعية من جديد في السنوات القادمة لأن النظام العالمي يتغير، ليس الصين ولا روسيا من يغيرون النظام، إنها فلسطين التي ألغت جميع حجج النظام ضدها.

الذي غير النظام، هو الشيخ أحمد ياسين الذي ألغى جميع حجج النظام فاستطاع أن يخلق قوة رغم عدم امتلاكه قوة جسدية في مواجهة نظام مادي يربط القوة بالجسد.(İLKHA)