كتب الأستاذ "محمد أشين" في مقالة عن الحرب والجهاد قائلاً:
الحرب والنّضال ليسا شيئًا يستمتع به الناس، لا أحد يريد أن يتخلى عن الرّاحة والسّلام أو أن يترك أحبائه،
علاوة على ذلك، فإن التضحية بالحياة، والتي هي أثمن وأغلى شيء يملِكهُ الإنسان، شيء لا يُمكن للنّفس أن تتَقبّلهُ.
في الحرب، هناك دائمًا احتمال الإصابة أو الإعاقة أو فقدان الأحبّاء أو الابتعاد عنهم.
إن الله تعالى، وهو أعلم بالبنية الرّوحية للإنسان، يشرح هذا الوضع في القرآن على النحو التالي:
{"كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ"} (البقرة216)
نعم، الحرب ضد الفطرة الإنسانيّة. إنها ليست حالة يمكن أن تكون مطلوبة أو مرغوبة، في كل الخطط والبرامج الحرب هي الخيار الأخير، ولكن حتى في الأشياء التي لا نحبّها، هناك أيضًا نتائج جيدة وعواقِب لا نعرفها أو لا يُمكننا توقُعها.
فالعديد من التطورات والنتائج الإيجابيّة، والانتصارات والمَكاسب في التاريخ؛ جاءت بعد نضال طويل، وصبرٍ مرير وربما بعد دَفعِ ثمنٍ باهظ.
ورغم أن الصحابة لم يرغبوا في الحرب، إلا أن الانتصارات والتطورات التي حققوها لم تأتِ إلا بعد معركة بدر.
لقد مضى على طوفان الأقصى ومذبحة إخواننا الفلسطينيين في غزة أكثر من 200 يوم، إننا نشعر بالعار والخجل من عدم قدرتنا على إظهار الموقف المنشود في مواجهة هذا الاضطهاد، ونتوب دائمًا ونستغفر ربنا من أجل ذلك.
ولكن لم يفت الأوان بعد، فرغم أن غزة لديها 35 ألف شهيد و70 ألف جريح، وغزة محروقة ومدمرة، إلا أن التطورات الجيدة تحدث كل يوم، والحمد لله، ودماء الشهداء لا يُمكن تذهب هدراً في هذه الدنيا أيضاً.
فالمسيرات والمظاهرات تُقامُ من أجل غزة في جميع أنحاء العالم.
انهارت الآن دعاية الصهاينة بأنهم ضحايا الإبادة الجماعية منذ ما يقارب المئة عام، حتى شعب الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية الذي قدم لهم الدعم الأكبر، بدأوا بمعرفةِ الحقيقة، فنهض الإداريون والأكاديميون وطلبة الجامعات الذين لهم مستقبل، وبدأوا بانتفاضة طُلّابيّة.
وبدأت هذه الانتفاضة الطلابية العالمية تنتشر من شعب إلى آخر.
وبسبب الاحتجاجات، تحولت أرقى الجامعات في الولايات المتحدة الأمريكية إلى التعليم عن بعد بدلاً من التعليم الرّسمي.
كل خطوة تتبعها خطوة أخرى، فلم تقتصر الاحتجاجات على الطلاب فقط، بل بدأت النقابات والمنظمات العماليّة أيضًا التعبير من خلال الاحتجاجات.
لم يعد أحد في العالم يستطيع الدفاع عن الظلم والإبادة الجماعية الصهيونية، كل شيء واضح الآن ... لقد انتهى عصر السخرية من عقول الناس.
فالناس لا يحتاجون إلى عقول الآخرين للتمييز بين معاداة السّامية ومعاداة الصهيونية.
والآن ظهر الظالم والمظلوم بوضوح.
عدد المتظاهرين يتزايد بسرعة، لكن من ناحية أخرى، فإن الشبكة الصهيونية، التي يخضع العالم لهيمنتها وتقوم بتمويل هذه الجامعات مقابل الدّعاية الخاصة بها بطرق مختلفة، لن تقف مكتوفة الأيدي.
وعلى الرغم من تعرض الطلاب وأعضاء الهيئة التدريسية للركل والضرب وتقييد أيديهم خلف ظهورهم واحتجازهم، وبعض الأساتذة تم فصلهم، وعمداء الكليات ورؤساء الجامعات أُجبروا على الاستقالة، فإن الاحتجاجات لم تتوقف.
وجاءت أخبار واشنطن بوست على النحو التالي: تشير إحصائياتنا إلى أنه تم اعتقال ما لا يقل عن 900 متظاهر خلال الاحتجاجات التي شهدتها الجامعات الأمريكية خلال الأيام العشرة الماضية.
نسأل الله تعالى أن يجعلنا من المناضلين من أجل حرية القدس والأقصى مع إخواننا. (İLKHA)