تدفع الحرب الروسية الأكرانية، دولَ الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ إجراءات استباقية خوفا من اندلاع حرب كبيرة مع موسكو، وآخر هذه التطورات؛ هو قرار تبني ما يعرف “فضاء شنغن للحلف الأطلسي” بين ثلاث دول هي ألمانيا، هولندا وبولندا لتسهيل تنقل الجيوش والمعدات العسكرية في حالة الطوارئ.
في هذا الصدد، أعلنت وزيرة الدفاع الهولندية، "كايسا أولونغرين"، منتصف الأسبوع الجاري وفق تدوينة لها في منصة إكس، أن "برلين وأمستردام ووارسو" وقعت إعلانا بشأن إنشاء ممر لحركة القوات والعتاد العسكري، قائلة: “نحن بحاجة إلى شنغن عسكري لنقل الأفراد والمعدات بسرعة وكفاءة، وهذا سيجعل أوروبا أقوى، لقد اتخذنا خطوة مهمة: لقد وقّعت بولندا وألمانيا وهولندا على إعلانٍ لإنشاء ممر عسكري”. ويستوحي هذا التصور العسكري فكرة “شنغن” الخاصة بتنقل رؤوس الأموال والمواطنين في فضاء غالبية دول الاتحاد الأوروبي.
وخلال نوفمبر الماضي، شددت قيادة الحلف الأطلسي الحاجة إلى نظام يمكّن قوات دول الحلف من التحرك بحرية، حيث تواجه حاليا عقبات في شكل قوانين وطنية.
وأكد تقرير لقيادة الحلف أنه من الأهمية بمكان، تحديد مسرح العمليات العسكرية المحتملة مسبقا، في حال تم التذرع بالمادة الخامسة من ميثاق الناتو بشأن الدفاع الجماعي.
وكان قائد الجيش الأمريكي السابق في "أوروبا بن هودجز"، ورئيس القيادة المشتركة للدعم والتمكين في حلف شمال الأطلسي، "ألكسندر زولفرانك"، قد شددا على ضرورة هذا التصور العسكري للتحرك السريع. وتعود هذه الفكرة الى سبع سنوات سابقة عندما جرى التنصيص على ضرورة شنغن عسكري.
ويعتبر اتفاق الدول الثلاث ألمانيا وهولندا وبولندا مقدمة لانضمام دول أخرى، خاصة المتواجدة بالقرب من الحدود مع روسيا، ذلك أن دول أوروبا تشعر بقلق كبير من احتمال اندلاع حرب مع موسكو.
ويُجري الحلف الأطلسي منذ أيام وعلى مدى الشهور المقبلة، أكبر مناورة عسكرية، بمشاركة أكثر من 90 ألف جندي، وعشرات السفن الحربية ومئات المقاتلات.
وقال الجنرال الأمريكي كريستوفر كافولي، القائد الأعلى لحلف شمال الأطلسي، ورئيس القيادة الأمريكية الأوروبية، إنه من المقرر أن يشارك حوالي 90 ألف جندي من قوات التحالف في مناورة ، ما يجعلها أكبر تجمّع للقوات في مناورة بالقارة الأوروبية منذ عقود.
ويعيش الأوروبيون قلقا حقيقيا من فرضية احتمال اندلاع حرب مع روسيا.
في هذا الصدد، نشرت جريدة “بيلد” الألمانية يوم الإثنين الماضي، مضمون وثيقة دفاعية مسرّبة تبرز كيف تستعد حكومة برلين لسيناريو حرب عالمية ثالثة يكون مسرحها أوروبا، وتبدأ مع روسيا على الجناح الشرقي للقارة الأوروبية سنة 2025.
وهو الاستعداد الذي تبديه السويد وبولندا ودول البلطيق.
وتعتبر روسيا هذا الإجراء هو مقدمة لتسهيل تنقل الجيوش بسرعة كبيرة في حالة اندلاع حرب روسية غربية خاصة في حالة تمركز القوات العسكرية في بولندا.
وكانت روسيا على لسان "ديمتري بيسكوف"، الناطق باسم الكرملين، قد حذّرت خلال نوفمبر الماضي عند الحديث عن “شينغن العسكري” بأن إجراءات من هذا النوع سيكون لها عواقب وخيمة على الاستقرار، وستزيد من تدهور العلاقة بين روسيا والغرب وبالخصوص أوروبا.
ولا يمكن فصل إعادة نشر روسيا لبعض قواتها شرق البلاد، وخاصة منصات الصواريخ، إلا استباقا لهذا الإجراء الذي أقدمت عليه الدول الثلاث.